كانت أصوات ضحك الفتاتين تصدح في أنحاء الحافلة، صباح يحمل لهما يوم دراسي جديد، مريم يلتصق كتفها بصديقتها منال، لا يفترقا إلا عقب المدرسة، حديثهما لا يخلو من خوف بسبب سرعة السائق، إلا أن ذلك لم يمنع انسدال السعادة على قلبيهما، تسأل مريم جرجس صديقتها المسلمة عن طبق ''العاشورة''، فالمعتاد أن تُحضرها منال بدر لها كل عام، لم تُكذب منال خبرا فقالت ''طبقك محجوز.. شايلاهولك في التلاجة ومحذرة أخويا ميقربش منه''، اللهو كان حليفهما حتى صار كل شيء باهتا بين لحظة وأخرى.
صوت اصطدام.. النيران تشتعل في الأتوبيس، يتدافع الطلاب لتحطيم النوافذ والقفز للنجاة بحياتهم، تحاصر النيران مريم ومنال؛ فتستسلمان لقدرهما المحتوم، بطريقة لا إرادية تحتضنان بعضيهما بحثا عن بصيص أمان في لحظات رعب لم يستوعبها عقليهما محدود الخبرات.
مريم ومنال، زهرتان أحرقتهما نيران الإهمال، وعثر على جثتيهما وقد لفظتا أنفاسهما متعانقتين لتظلا صديقتين في الموت كما كانتا في الحياة، معالم بسيطة تم التعرف على جثتيهما من خلالها؛ أسنان مريم، وبقايا سلسلة في عنق منال، اغتالت النار ضحكة مريم وتفاؤل منال، غير أن الجنة ميعادهما، ليظل الإهمال هو العدو الأول الذي يستحق إعلان الحرب عليه كأقوى صور الإرهاب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق